هناء السادات فقدت فلذة كبدها فأنشأت مؤسسة خيرية للعناية بمرضى انحلال الجلد الفقاعى والذى يطلق عليهم مرضى لفراشات.

كتبت نشوي النادي
بين الألم الإنساني والإيمان بالرسالة، وُلدت قصة غير عادية لامرأة استثنائية. هي ليست فقط رئيسة لمؤسسة خيرية تهتم بمرضى انحلال الجلد الفقاعي، بل أم فقدت فلذة كبدها؛ بسبب هذا المرض النادر والمؤلم.
إنها هناء السادات… التي حولت حزنها العميق إلى طاقة نور، تنقذ بها أرواحًا صغيرة تعيش نفس المعاناة التي عاشتها ابنتها.
مرض الجلد الفقاعي
لم تكن هناء السادات تعرف شيئًا عن مرض الجلد الفقاعي حتى جاء اليوم الذي رُزقت فيه بطفلتها الجميلة، التي وُلدت بجلد هش لا يحتمل حتى اللمسة، وعاشت سنوات من الألم والجروح، ومستشفيات، ومعاناة يومية في التضميد والتعامل مع الجروح المتكررة، حتى جاء القدر، ورحلت الطفلة الصغيرة، تاركة في قلب أمها جرحًا لا يندمل.
لكن ذلك الجرح لم يتحول إلى يأس… بل أصبح بداية رسالة.
"بعد وفاة بنتي، حسّيت إن قلبي مش هيرتاح إلا لما أساعد أطفال زيها، يمكن أكون سبب إنهم يعيشوا حياة بالتوعية الصحيحة… أو على الأقل، حياة أقل ألمًا"، جملة تقولها السادات؛ لتكشف بها فلسفتها في العمل الخيري والإنساني.
أسست هناء السادات مؤسسة خيرية لمرضى الجلد الفقاعي، لتصبح واحدة من أوائل المبادرات في مصر والعالم العربي التي تهتم بهذا المرض النادر، الذي غالبًا ما يُنسى في زحام قضايا الصحة العامة.
تعمل المؤسسة على:
توفير الضمادات الخاصة والمستلزمات الطبية والتى لا يستغنى عنها المريض اسبوعيا.
تقديم دعم نفسي واجتماعي للأطفال المصابين وأهاليهم.
رفع الوعي المجتمعي حول المرض، لمحاربة التنمر والعزلة.
المناصرة الطبية لتوفير علاج مجاني أو دعم حكومي.
مرضى كالفراشات
المرض، الذي يُطلق عليه أحيانًا "مرضى الفراشات"، يجعل الجلد هشًّا للغاية، وكأن كل مريض به "مغلف بطبقة شفافة قابلة للتمزق". ويحتاج المرضى لعناية خاصة يومية، وضمادات معقمة، وبيئة نظيفة وانواع اطعمة مضروبة فى الخلاط وهو أمر مرهق نفسيًا وماديًا لكل أسرة.
هناء، لأنها أم قبل أن تكون ناشطة، تفهم جيدًا ما يحتاجه هؤلاء الأطفال، وتحاول أن تكون لكل طفل "أم ثانية"، ولكل أم "رفيقة في الألم".
تواجه المؤسسة تحديات كثيرة، منها:
ارتفاع تكلفة العلاج والذى لا يغطى باى تأمين صحى.
ندرة المستلزمات وارتفاع اسعارها
قلة وعي المجتمع والقطاع الطبي بالمرض.
صعوبة تسجيل المرض ضمن برنامج تكافل وكرامة لذوى الهمم.
لكن السادات لا تتوقف، وتؤمن أن كل خطوة صغيرة تصنع فرقًا حقيقيًا.
توعية بمرض الجلد الفقاعي
هناء السادات لا تطلب الكثير. فقط أن يفهم الناس، أن يقتربوا من عالم لا يُرى، أن يعرفوا أن خلف كل ضمادة، روح طفلة تقاتل لتعيش، وأم تحلم فقط أن تحضن طفلها بدون ألم.
هي لا تسعى للظهور، ولا للجوائز… فقط تسعى للرحمة، والوعي، والكرامة لهؤلاء الأطفال.
قصة هناء السادات ليست فقط عن مرض نادر، بل عن أمومة خالدة، وإيمان لا يُهزم، ورسالة من نور خرجت من قلب مكسور، وهي درس في تحويل الفقد إلى حياة، والحزن إلى فعل... وربما تكون نموذجًا نادرًا للإنسان الذي قرر أن يكون الأمل نفسه، بعد أن خسر أغلى شىء.